انطلاق مؤتمر نحو الريادة العالمية في الجامعات العربية في اردنية العقبة
Sunday, 14 November, 2021

انطلقت اليوم فعاليات المؤتمر الدولي السنوي الخامس تحت عنوان "رؤى وأفكار لقضايا ساخنة في التعليم العالي: الجامعات العربية نحو الريادة العالمية" الذي تنظمه الجمعية الأردنية للعلوم التربوية والجامعة الاردنية في العقبة، وذلك بالتزامن مع احتفالات المملكة بمئويتها الأولى.

 وقال رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات إنَّ هذا المؤتمر التّربويّ يُخَصِّص نسخَته الخامسة لتحدّيات التّعليم العالي وتفاصيلِه وما يحيط به من تطورات ومُتغيّرات عصفَتْ بالكثيرِ من ثوابتِه وركائزِه السّابقة خاصّة وهو ينعقد في أجواء استثنائيّة وتغيُّرات متسارعة.

 وأضاف أن هذا المؤتمر ينعقدُ والعالمُ يعيشُ تغيّرات وتقلُّبات سريعة ويحيط به الكثير من الشّكّ والحيرة، وعليه فلا بُد أن يجد المؤتمر الطّريق لضمان تعليم جامعي يحقّق أفضلَ النّتائج لطلبة عالمِنا العربي من خلالِ تسليحِهم بمهارات قابلة للتّسويق، جاعلًا من الخرّيجِ إنسانًا قادرًا على أن يُفرّق بين الغثّ والسّمين، وبين الخطأ والصّواب، وأن يكونَ قادرًا على العيشِ بكرامة وبلا عوز.

 وأكد عبيدات أنَّ انعقادَ هذا المؤتمرِ في مدينةِ العقبةِ المُلهمةِ، يختبرُنا ككوادرَ أكاديميّة وكبشرٍ على الاكتشافِ والتَّعلُّمِ والبناءِ وطرحِ الأسئلةِ الصّحيحة والتّساؤل ومحاولة إيجادِ طُرُق جديدة للتّواصل والتَّعلُّم وكسب المعرفة، وفي عالمِنا اليوم، وحيث تشهد اقتصاداتُنا تحوّلات جذريّة، حيثُ لا تتوقّف الأعمال التّجاريّة عندَ الحدود، وحيث غيّرَت التّكنولوجيا والأتمتة كُلَّ صناعةٍ تقريبًا وغيّرت كيفيّة تنظيم النّاس لأنفسِهم وأعمالِهم، تظل الرّيادة أهَمَّ مُحرِّك للنُّموّ والإنتاج

وأشار إلى أن الرِّيادة تتجسّد بالقدرة على تحويل الفكرة إلى حقيقةٍ، أو مشروعٍ جديد، أو شركةٍ صغيرة، وبهذا تخلقُ وظائفَ جيّدة يعيشُ أصحابُها بأمان وسلام، واضعة الاقتصاداتِ الصّاعدة على طريق الازدهار، ومُمكّنةً البشريَّةَ من الالتقاءِ ومعالجةِ مشاكلَ العالمِ الأكثرِ إلحاحًا، من تغيُّرِ المناخِ إلى الانفجارِ السُّكّانيِّ وإلى الفقرِ والعوزِ والجوعِ.

وأكد عبيدات أنَّ التّعليمَ العالي مُطالَبٌ اليوم بأن يخلقَ ثقافةَ الرّيادةِ والإبداعِ، ويغيِّرَ ثقافةَ المعرفةِ التي تُعَرِّفُنا بالطّريقةِ التي تسير الأشياءُ بها، وتعلِّمُنا أن نسألَ أنفُسَنا كيف يمكنُ للأشياءِ أن تسير، وكيف نخلقُ من ذلك صناعةً جديدةً.

وأضاف بأنّ على الخبراء والأكاديميّين أن يجدوا الطّريقَ لتعليمٍ يُعطي أبناءَنا والأجيال القادمة فرصة لتحقيقِ أحلامِهم، وأنّ هذا سيتحقّق بالتّأكيد عندما نخلقُ تعليمًا قادرًا على استغلالِ قدراتِ طلّابِنا المختبئةِ التي تبحثُ عمَّن يحرِّكُها ويستغِلُّها.

وتابع عبيدات قائلا إنّ ما فرضتْهُ الحالةُ الوبائيَّة التي سادت وما زالت من تغييراتٍ جوهريّةٍ على حياةِ البشرِ في منطقتِنا العربيَّةِ وفي العالمِ، وما عكسَهُ ذلكَ من تغييراتٍ في الحرمِ الجامعي وخارجِه، شملَ قِيَمَ التّنوُّعِ والاندماجِ وحريّةِ التّعبيرِ والنّظر إلى

الآخرِ بنوعٍ من الشّك. وعليه، لا بُدَّ أن يأتي إلى دائرةِ الضّوءِ قادةُ الجامعاتِ الّذين تقعُ على عاتقِهم مَهَمَّة القيامِ بخططٍ متكاملة تبدأُ بإعادة النّظرِ بالبرامجِ ونتاجاتِها، وخلقِ بيئةٍ جامعيّة جامِعَةٍ غيرِ مُفرّقة، دون تركِ الانقساماتِ العميقةِ تؤثّرُ على الطّالبِ أو تُعرض بيئة التعلم للخطر، وعلينا أن ندرك بأن التكنولوجيا ما هي إلا أداة ووسيلة للتدريس الرائع، وليست بديلا للمدرس السيئ

وأكمل أيضًا أنّ المَهَمَّةَ صعبةٌ، لكنَّها ليست مستحيلةً؛ فالإنسانُ استطاعَ أن يجدَ الإجابةَ للكثيرِ من المسائلِ الغامضةِ وما زال. ثمّ ختم كلمته قائلًا إنّنا نرنو إلى عالمٍ عربيٍّ متصالحٍ مع نفسِه وقادرٍ على تحقيقِ القُوَّة والمِنعة والازدهارِ، ويوفّر لأبنائه فرصًا متكافئة منتجة، ويبني مجتمع العدل والمحبة وربّما المساواة يومًا ما.

وبين راعي المؤتمر أمين عام اتحاد الجامعات العربية الدكتور عزت سلامة أن العالم يشهد تطورا تكنولوجيا متسارعا مما ساهم بشكل مباشر في أن يحظى الاقتصاد الرقمي بأولوية اهتمام صانعي القرار في مختلف دول العالم.

وأضاف أنه بالرغم من إجراءات التحول نحو الاقتصاد الرقمي في الدول العربية إلا أن مساهمته قي الناتج المحلي العام ما زالت أقل من المستوى العالمي بكثير وتصل إلى 4%، فيما تصل هذه النسبة عالميًا إلى ما يقارب من 22%، نتيجة ضعف الاستثمار في الشبكات الرقمية الأساسية، والبنية المؤسسية المبنية على قوانين وتشريعات غير مرنة أحياناً، وقلة استخدام التقنيات الحديثة والتطور السريع للاقتصاد الرقمي الذي ساهم في انتشار الأمية التقنية.

وزاد إن اتحاد الجامعات العربية بصفته منصة للجامعات العربية وأصحاب المصلحة المعنيين بالتعليم العالي في المنطقة، وضمن خطته الاستراتيجية للفترة من 2019-2030 ركز على المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لا سيما المتعلقة منها بالتعليم الجيد الشامل والمنصف، والمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في التعليم، وتعزيز فرص العمل اللائق والابتكار لشباب المنطقة، ومواكبة المستجدات وتحقيق المعيارية العالمية في التعليم العالي ومخرجاته، وبناء القدرات الإدارية للجامعات والتدويل العلمي والأكاديمي وتعزيز الجودة.

وفي ضوء ذلك ولتحسين تصنيف جامعاتنا العربية وريادتها عالميا فإن الاتحاد يعمل على العديد من المشاريع الأكاديمية والعلمية التي تعزز من دور الجامعات العربية في المجتمع ومجالاته المتنوعة وسمعتها الأكاديمية ومكانتها العالمية، ومن أبرزها مشروع تطوير الدوريات العربية، ومشروع معامل التأثير العربي، وبرنامج ضمان الجودة في التعليم العالي، ومشروع الإطار العربي الموحد للمؤهلات، مشروع الصندوق العربي لتمويل البحث العلمي.

ولفت سلامة إلى أنه رغم كل الإنجازات التي حققها التعليم العالي العربي إلا أنها لا تزال دون مستوى الطموح المطلوب، إذا لا يزال الواقع يُشير إلى انخفاض مستوى مخرجاته، مقارنة مع دول العالم المتقدم، كما تواجه مؤسسات التعليم العالي في الدول العربية العديد من التحديات في الوقت الحاضر، ومن أهم مظاهرها: 1. ضعف الإقبال على التعليم التقني 2. ضعف الإنفاق على البحث العلمي 3. هجرة العلماء العرب 4. ضعف البنية التقنية 5. عدم مواكبة الخطط الدراسية للتحولات المعرفية في التخصصات الدراسية، وبخاصة في العلوم الإنسانية، وعدم تحديث البرامج التعليمية.

وبين سلامة أن الجامعات العربية لا تزال بحاجة إلى خطوات نوعية وعملية للحاق بالجامعات العالمية، فبحسب تصنيف QS في دورته الأخيرة لعام 2022، الذي يشير إلى أن إحدى عشرة جامعة عربية فقط صُنّفت من بين أفضل 500 جامعة في العالم، ما يُحتّم إيجاد بيئات منتجة للبحث العلمي العربي، وضرورة رفع الإنفاق عليه بمستوى يصل إلى 2% مع حلول عام 2030، ودعم برامج رعاية الإبداع والابتكار والريادية، وإصلاح منظومات التعليم وتهيئتها لدخول الثورة الصناعية الرابعة بخطوات ثابتة، وإيجاد صيغة لعمل عربي مؤسسي مشترك بين قطاعات التعليم والبحث العلمي والدراسات والقطاعات الاقتصادية والمالية والاستثمارية والشركات التكنولوجية، ما يدفع باتجاه التنمية الاقتصادية الرقمية.

بدوره أكد رئيس الجمعية الأردنية للعلوم التربوية الدكتور راتب السعود أن الجمعية دأبت على عقد مؤتمرها التربوي الدولي السنوي، لمناقشة أهم القضايا الساخنة التي تواجه التعليم بمستوييه: العام والعالي، بغية تقديم مجموعة من الرؤى والأفكار، لعلها تسهم في تطوير التعليم وتحسين مخرجاته

وأشار إلى أنه لمّا كانت السياسة المتبعة في هذه المؤتمرات تقوم على التركيز على قضية تربوية واحدة بعينها، فقد أرتأينا في هذا المؤتمر، مناقشة إحدى أهم قضايا التعليم العالي العربي، وهي: (الجامعات العربية نحو الريادة العالمية)

وبين السعود أن هناك غيابًا شبه تام للجامعات العربية عن حلبة المنافسة العالمية، المتمثلة في التصنيفات العالمية للجامعات في العالم وفقاً لجودة برامجها، وعملياتها، ومنتجاتها البحثية، ومن ثم مخرجاتها، سواء على صعيد سمعتها الأكاديمية، أم سمعتها التوظيفية (الكفاءات التي يمتلكها الطلبة الخريجين)، أم استشهادات الباحثين ببحوث أعضاء هيئاتها التدريسية (مستوى الإنتاج البحثي)، أم نسبة الطلبة أو أعضاء هيئة التدريس الدوليين، أم نسبة الطلبة إلى أعضاء هيئة التدريس، أم مسؤولياتها المجتمعية تجاه المجتمعات التي تحتضنها. ومن هنا فقد وقع اختيارنا على إحدى أهم القضايا الساخنة في هذا القطاع (الجامعات العربية نحو الريادة العالمية) لتكون موضوع مؤتمرنا هذا، بغية تطوير أدوار هذه الجامعات العربية في سعيها نحو العالمية، وبالتالي تحسين مواقعها على خرائط التصنيفات العالمية للجامعات.

وفي هذا الإطار يأتي تنظيم الجمعية الأردنية للعلوم التربوية بالتعاون مع أم الجامعات ودرتها؛ الجامعة الأردنية، لمؤتمرها التربوي الدولي السنوي الخامس تحت شعار "رؤى وأفكار لقضايا ساخنة في التعليم العالي: الجامعات العربية نحو الريادة العالمية"، بهدف شحذ هِمَمِ المفكرين والباحثين والأكاديميين والتربويين، لتقديم خلاصة أفكارهم ورؤاهم حيال هذه القضية التربوية والمجتمعية الهامة؛ بغية تقديم مجموعة من الرؤى والأفكار والمقترحات، التي نأمل أن تساعد في تحسين ترتيب الجامعات العربية في التصنيفات العالمية، وتصحيح مسارات التعليم العالي العربي وتوجيهه نحو الاتجاهات السليمة، والارتقاء به في ذات الوقت نحو مصافّ الجامعات العالمية.

 وتناقش جلسات المؤتمر على مدار ثلاثة أيام عددا من أوراق العمل البحثية المتخصصة حول مواضيع التدويل والريادية للجامعات العربية، والجامعة المنتجة، والجامعة الاستثمارية، والجامعة الذكية، والتعليم الافتراضي، وتطوير الجامعات العربية، وقضايا التعليم في العالم العربي وغيرها من العناوين.

ويشارك في المؤتمر عدد من رؤساء الجامعات الأردنية، والأكاديميون والخبراء والباحثون من الأردن وعدد من الدول العربية والأجنبية.

وكرم راعي المؤتمر في الجلسة الافتتاحية الداعمين والباحثين الرئيسيين ورؤساء الجلسات، كما سلم رئيس الجامعة الأردنية درع الجامعة التكريمي لراعي المؤتمر ولرئيس الجمعية.